(عَـبَـدَ) =( دَانَ و خَضَعَ و ذلّ)

بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

قال تعالى(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
سورة الذاريات(56)

فماهي العبادة ؟
وهل هي فقط آداء الشعائر التعبدية!!

قال تعالى (أمر ألا تعبدوا إلا إياه) سورة يوسف(40)

إن معنى عَبَدَ في اللغة : دَانَ ، وخَضَعَ ، وذلّ ..

ولم يكن معناه في الاصطلاح الإسلامي في أول الأمر أداء الشعائر التعبدية.. إنما كان هو معناه اللغوي نفسه .. فعندما نزل هذا النص أول مرة لم يكن شيء من الشعائر قد فرض حتى ينطلق اللفظ إليه. إنما كان المقصود هو معناه اللغوي الذي صار هو معناه الاصطلاحي.

فالمقصود بالعبادة هو الدينونة للّه وحده ، والخضوع والذل له وحده ، واتباع أمره وحده. سواء تعلق هذا الأمر بشعيرة تعبدية ، أو تعلق بتوجيه أخلاقي ، أو تعلق بشريعة قانونية. ، فالدينونة للّه وحده في هذا كله (وليس فقط في الشعائر التعبدية) ، بل في كل مجالات الحياة كلها،هي مدلول العبادة التي خصّ اللّه - سبحانه - بها نفسه ولم يجعلها لأحد من خلقه ..

وحين نفهم معنى العبادة على هذا النحو نفهم لماذا جعل الله تعالى اختصاصه بالعبادة تعليلا لاختصاصه بالحكم والتشريع.
قال تعالى(إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه)يوسف (40)

(بمعنى آخر: الحكم والتشريع من خصائص الله تبارك وتعالى، لأن خضوع العباد لحكم أحدٍ وتشريعه، هو عبادة منهم له، وبما أن العبادة لا تكون إلا لله ، لذلك الحكم والتشريع لا يكون إلا لله، ومن أطاع رسوله-صلى الله عليه وسلم- فقد أطاعه سبحانه، قال تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله )سورة النساء (80))

فعبادةُ الله تعالى - أي الدينونة لله تعالى - لا تقوم ولا تتحقق إذا كان الحكم لغير الله .. وسواء في هذا حكمه القدري القهري في حياة الناس وفي نظام الوجود ، وحكمه الشرعي الإرادي في حياة الناس خاصة. فكله حكم تتحقق به الدينونة.

ويقرر الله تعالى أن اختصاصه - سبحانه - بالحكم - تحقيقا لاختصاصه بالعبادة - هو وحده الدين القيم :
«ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» ..

وهو تعبير يفيد القصر. فلا دين قيما سوى هذا الدين ، الذي يتحقق فيه اختصاص اللّه بالحكم والتشريع ، تحقيقا لاختصاصه بالعبادة ..

«وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..
وكونهم «لا يعلمون» لا يجعلهم على دين اللّه القيم. فالذي لا يعلم شيئا لا يملك الاعتقاد فيه ولا تحقيقه .. ولا عذر بالجهل في "أصل الدين"، ذلك أن الجهل مانع لوجود الصفة ابتداء. فاعتقاد شيء فرع عن العلم به.
وكما نعلم أن من شروط لا إله إلا الله بل أول هذه الشروط: هو العلم بأصل الدين، المنافي للجهل به ، قال تعالى(فاعلم أنه لا إله إلا الله)

إن الطاغوت لا يقوم في الأرض إلا مُدّعيا أخص خصائص الألوهية ، التي هي: حق تعبيد الناس لأمره وشرعه ، ودينونتهم لقانونه. وهو إذ يزاول هذا في عالم الواقع يدعيه - ولو لم يقله بلسانه - فالعمل دليل أقوى من القول.

وإن الطاغوت لا يقوم إلا في غيبة الدين القيم والعقيدة الخالصة عن قلوب الناس
فما يمكن أن يقوم وقد استقر في اعتقاد الناس فعلا أن الحكم للّه وحده ، لأن العبادة لا تكون إلا للّه وحده ، والخضوع للحكم والتشريع : "هو عبادة" . بل هو أصلا مدلول العبادة.

(في ظلال القرآن / من تفسير سورة يوسف / الجزء الرابع من التفسير/ ص 1991/ 1992)

تسلم أناملك لهذا التفسير الطيب

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

جزاكى الله خيرا يا قمرايا

بانتظار جديدك ومبارك المركز الاول واعتذر عن التاخير

drs

:\

بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

جزاكما الله خيرا .. حبيبت الحبيب.. سفيره الاسلام
ربنا يشرح صدركما لما يرضاه تبارك وتعالى آمين
والحمد لله رب العالمين