بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين وآله وصحبه والتابعين بإحسان لهم إلى يوم الدين
قال الله تعالى:{وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } سورة الأنعام (112)
في الآية الكريمة بيان لأربعة أمور هامة لكل موحد خالص
* أن الذين يقفون بالعداوة لكل نبي، ويقفون بالأذى لأتباع الأنبياء، هم "شياطين" .. شياطين من الإنس ومن الجن..وأنهم يؤدون جميعا -شياطين الإنس والجن- وظيفة واحدة، وأن بعضهم يخدع بعض، ويضله كذلك ، مع قيامهم جميعا بوظيفة التمرد والغواية و معاداة أولياء الله..
* أن هؤلاء الشياطين من الإنس والجن ، لايفعلون شيئا من هذا كله ، ولا يقدرون على شيء من عداء الأنبياء وإيذاء أتباعهم بقدرة ذاتية فيهم، إنما هم في قبضة الله جل وعلا. وهو يبتلي بهم أولياءه لأمر يريده سبحانه، من تمحيص هؤلاء الأولياء، وتطهير قلوبهم، وامتحان صبرهم على الحق الذي هم أمناء عليه ، فإذا اجتازوا الإمتحان بعون الله ، كف الله عنهم الابتلاء، وكف عنهم هؤلاء الأعداء، وعجز هؤلاء الأعداء أن يمدوا إليهم أيديهم بالأذى وراء ما قدر الله جل وعلا، وآب أعداء الله بالضعف والخذلان.
* أن حكمة الله هي التي اقتضت أن يترك لشياطين الإنس والجن أن يتشيطنوا - فهو إنما يبتليهم في القدر الذي تركه لهم من الإختيار والقدرة- وأن يدعهم يؤذون أولياء الله فترة من الزمان- فهو سبحانه إنما يبتلي أولياءه هل يصبرون ؟ هل يثبتون على ما معهم من الحق بينما الباطل ينتفش عليهم ويستطيل ؟ هل يخلصون من حظ أنفسهم في أنفسهم ويبيعونها بيعة واحدة لله تعالى، على السراء والضراء سواء، في المنشط والمكره سواء؟ وإلا فقد كان الله -جل وعلا- قادرا على ألا يكون شيء من هذا الذي كان .
* هوان شياطين الإنس والجن، و هوان كيدهم وأذاهم ، فما يستطيلون بقوة ذاتية لهم، وما يملكون أن يتجاوزوا ما أذن الله به على أيديهم.. والمؤمن الذي يعلم أن ربه هو الذي يقدر، وهو الذي يأذن، خليق أن يستهين بأعدائه من الشياطين، سواء من الانس أو الجن، مهما تبلغ قوتهم الظاهرة وسلطانهم المدعى،
المرجع
في ظلال القرآن / المجلد الثالث / تفسير سورة الأنعام / سيد قطب يرحمه الله
اوسمه العضوة
السبت ديسمبر 04, 2010 9:35 pm