الاختيار قبل الزواج

الاختيار قبل الزواج

بقلم: محمود وهبة نصار

ليس احب الى النفس من التحدث في الزواج، فهو حديث شيق يود المحدث لو تحدث فيه دائما كما يود المستمع لو استمع اليه، فهو بلا شك حديث كله شجون، حديث يهم الجميع.. المتزوج وغير المتزوج الرجل والمرأة.

وعصرنا عصر كله شكوى فما من احد الا ويشكو.. هذا يشكو دهره وذاك يشكو حظه وآخر يشكو اولاده وعائلته ورابع يشكو رؤساءه وخامس يشكو زوجته فالكل يشكو من بلواه ولكل بلواه.

ونحن اليوم بصدد موضوع يشكو منه كثيرون وقد اعطيناه عنوان «الاختيار قبل الزواج» ذلك لان الاختيار هو العامل المهم في الزواج. فلئن احسن المرء اختيار زميله كان من اسعد المخلوقات وان اساء اختياره كانت حياة الشقاء والبؤس.

فهذا رجل يجلس الى نفسه يتحدث عن ماض كان مليئا بالسرور والسعادة. ايام خلت واحلام تقوضت. خطوبة كانت احلى من العسل وابيض من اللبن. ليال جميلة تلك التي قضاها مع حبيبته يقرآن كتابا مسطورا مدونا في القلوب.
ولو انهما ارهفا السمع عن بعد لسمعا نفس الكلام يتلى من نفس الكتاب ولعرفا انها الفاظ محفوظة وكلمات اوجدها العصر يتفوه بها المرء عن قصد وغير قصد متشدقا بلفظة من اقدس الالفاظ ألا وهي لفظة «الحب»، تلك اللفظة الموسيقية التي لم توجد من قبل الا في الصحاري الواسعة الشاسعة والتي كان حديثها من القلب والى القلب، اصبح هذا الحب اليوم بين جدران السينمات وكؤوس الشمبانيا وابشع الرقصات..

ذلك النوع من الحب قد ظنه صاحبنا حبا فجلس يبكي عليه ويندبه. ولكن اذا ما سألته عن سر انقلاب زوجته وكيف اشقت حياته بعد ان اسعدتها اجابك بأن الرياء والمداراة وعدم التفوه بما يكنه القلب عن حق أو ان الخيال. ويالصدمة المتخيل اذا ما ارتطم بالحقيقة فالغلطة غلطته لأنه اساء الاختيار..

وثمة رجل آخر..
جلس ذلك الرجل ويده على خده يبكي سعادته ويندب حظه.. فلقد كانت زوجته ايام الخطوبة مثالا يحتذى، ولكن سرعان ما انقلبت بعد الزواج. كانت في صفه في كل امر حتى ولو كان الامر ضد رغبة والديها.
كانت دائمة الموافقة على رأيه، بل وكانت تؤنب والدتها اذا بدر منها ما يسيئه ولكن يا للاسف قد انقلبت الاوضاع واصبحت لا توافقه على رأي بل هي ضده في كل رأي يراه، كما انقلبت الاوضاع واصبحت دائما في صف والدتها وان كانت على خطأ.

لقد اختار صاحبنا هذا زوجته هذه لأنها نادرة بين نساء اليوم، موافقة لرأيه على طول الخط.
وهو الذي سمع عن النساء ووقوفهن دواما على الضد.
ولكنه نسيَّ ان ايام الخطوبة غير ايام الزواج، بل ان شئت فقل انها على النقيض في معظم الاحيان فأيام الخطوبة ليست مقياسا للحياة الزوجية.
وثمة رجل آخر..
كاد يفقد صوابه.. فما رأى زوجته في فترة الخطوبة الا وهي في اجمل منظر واشيك مظهر. فما تكاد تعرف موعد مجيئه حتى تقوم الى ادوات التجميل فتقف طويلا امام المرآة وتنتقي من بين ملابسها ما يسر العين ويشرح الصدر.
ولكن يا للاسف ما ان تزوجا حتى تلاشى كل ذلك فانقلبت العطور المستخرجة من اجمل الزهور الى رائحة البصل والثوم المستخرجة من المطابخ! لا تبدو في اتم اناقتها الا اذا كانت خارجة لزيارة صديقتها أو ذاهبة الى منتدى عام فإنها لم تعد تتجمل له بل تتجمل ليراها الناس فيتحدثون بجمالها.

ألم يعرف صاحبنا هذا انها ما كانت تتجمل في فترة الخطوبة الا لتأسره وتستولي عليه؟ وها هي قد اسرته واستولت عليه فانتهت بذلك مهمتها؟

وثمة رجل آخر..
احب فتاة لجمالها الخارق الفتان.. عيون ساحرة وفم يسيل رقة وعذوبة.. اسنان كاللؤلؤ المنثور ويدان لم يخلقا الا للتقبيل.. جمال في جمال.. فينوس تعود الى الحياة وتصبح واقعية بعد ان كانت خيالية.. ملاك هبط من السماء.. انها نعمة الله التي اسبغها على صاحبنا فنالها دون مئات المعجبين.

وما هي الا فترة بعد الزواج حتى جلس صاحبنا يبكي سعادته المنصرمة ودهره الخؤون فما كانت تلك العيون الا معملا للمكر والخداع. اذا ما غضبت - وكثيرا ما تغضب - تغير ماؤها واضحت تفيض افتراسا بعد ان كانت تفيض حنانا.

في رعايه الله

» كيف نحمي الزواج من الانهيار؟
» من عادات الشعوب فى الزواج
» نصائح لحديثى الزواج