"الحفظ" من أبرز سمات المسلمين في حفظ دينهم
العدد 2199| 2 رجب 1430 هـ
بقلم: فضيلة الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل *
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيِّد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فثمة قضية تربوية مهمة لا تزال تطرح بين الفينة والأخرى على مستوى مصادر التأثير والقرار في المنحنى التعليمي التربوي في البلاد العربية والإسلامية، ولم تزل مؤسسات التأثير في التعليم العام والمتخصص في الأوساط الغربية، بل الشرقية والتي ترفع رأساً بمناهج التعليم الإسلامية وخصوصيتها الشرعية الربانية.
إنها قضية الحفظ وعلاقتها بتلقي التعليم، هذه القضية التي أضحى الخلط فيها عجيباً ومريباً.
إننا نفرق بين نوعين من أنواع العلم وهو العلم الديني وهو المتعلق بالديانة التي يتدين بها المتعلم صغيراً كان أو كبيراً، وبين العلم الدنيوي وهو المتعلق بالعلوم المادية المتعلقة بمناحي التطور والتجريب والتركيب المادي إن صح التعبير.
وكلا النوعين يفتقران إلى قدر متفاوت من الحفظ المعتمد على التلقين فجدول الضرب مثلاً، لا بد فيه ولا سيما في مراحل التعليم الأولى من التلقين، وقل مثل ذلك في النظريات الرياضية.
على أنه في التعليم الديني الشرعي كحفظ القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإن الحفظ فيها شرط أساسي، وطريق لا بد منه للفهم ومن ثم الاعتقاد والعمل.
وأن القدح فيه قدح في النبوة والوحي من جهة تلقيه من الله عزَّ وجلَّ، ومن جهة إبلاغه للناس من لدن النبي صلى الله عليه وسلم، بل الأنبياء قبله إلى أممهم، يدل لذلك وصف الله لنبيه ولأهل العلم بقوله تعالى في سورة العنكبوت {وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)}.
والنبي صلى الله عليه وسلم في تلقينه أصحابه، ثم الصحابة من بعدهم وحي الله في الكتاب والحديث تعويلاً على هذه الملكة (الحفظ) والتي أضحت أبرز سمات حضارة المسلمين في حفظ دينهم، نعم لما جربنا ترك الحفظ إلى حد بعيد في مناهج التعليم النظرية - الشرعية والعربية خرجت مؤسسات التعليم حتى العليا منها، كتبة وقراء في أحسن الأحوال وغاب تخريج العلماء الذين حوت صدورهم العلم حفظاً تعول عليه الفهم والدعوة وبعده النظر والعمل، فما أكثر الدكاترة وحملة المؤهلات وقلة العلماء الفقهاء. والله أعلم.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام.
* من مجلة الدعوة.