انبياء الله فى مصر ===موسى وهارون

أنبياء الله في مصر .... موسى وهارون
الكاتب مصطفى درويش - شبكة رمضان الإخبارية
ولد نبي الله موسى في مصر في عام ُيقتل فيه المواليد من أبناء اليهود ليرينا الله عنايته الإلهية به ورعايته له ، فالله سبحانه وتعالى كان يصطنعه لنفسه { واصطنعتك لنفسي } طه 41 . وكانت هذه الصناعة على عين المولى جل شأنه { ولتصنع على عينى } طه 39 .
بعد أن وضعت أم موسى ابنها خافت عليه من القتل على يد فرعون ورجاله ، ولكن المولى طمأنها وبشرها بما أوحى إليها بأن تضعه في التابوت وتلقى به في اليم { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني ، إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } القصص 7 . وهذه الآية الكريمة توضح لنا الإيمان الخالص الذي كانت تتمتع به أم موسى ، فليس من السهل على أي أم أن تلقي بوليدها ورضيعها في النهر الجاري ، وليكون الإيمان بالله والتوكل عليه وحده هو المخرج من كل ضيق ومن كل شدة . ثم

القى اليم به بالساحل فوجدته جواري فرعون وذهبن به إلى إمرأة فرعون التي سرت به وقالت لفرعون قرة عين لي ولك لاتقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداّ. وبهذا تحقق الجزء الاول من الوحي وينجّي الله موسى من القتل . ثم يأبى الرضيع المراضع التي عرضت عليه كما قال تعالى { وحرمنا عليه المراضع } القصص 12 لكي يتحقق بذلك الجزء الثاني من الوحي { إنا رادوه إليك } . فذهبت أخته إلى بيت فرعون وقالت لهم { هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون } القصص 12 فوافقوا على الفور وأرسلوها لتحضر من أشارت اليهم بها ، وذهبت إلى أمها وأخبرتها بالخبر وأتت بها إليه ليتحقق بذلك وعد الله لأم موسى { إنا رادوه إليك } .
لقد نشأ موسى نشأة كريمة طيبة في رعايه الله وحفظه وكان حسن الخلق فأكرمه الله بالحكمة والعلم وجعله من المحسنين { ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين } القصص : 14 .
واضطر موسى للخروج من مصر مسقط رأسه بعد أن قتل بدون قصد ذلك المصري الذي كان في مشاجرة مع أحد من شيعته بعد أن وكزه فخر ميتاً . فندم موسى على فعلته واستغفر ربه وتاب إليه وطلب منه النجاة قائلاً { رب نجني من القوم الظالمين } القصص 21 ، فاستجاب الله له وخرج موسى تلقاء مدين . وعندما وصل إلى بئر مدين وجد الرعاة يسقون أنعامهم وكانت هناك فتاتان تتنظران فراغ الرعاة من سقى أنعامهم فقالتا { لانسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } القصص 23 . فما كان من موسى إلا أن سقى لهما . ولما علم أبوهما بالقصة بعث بأحدى الفتاتين لكى تأتي بموسى كى يجزيه جزاء ما سقى لهما فقالت له { إنٌ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } القصص 25 . وهكذا نجٌى الله موسى من القوم الظالمين كما قال تعالى { فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } القصص 25 . فعاش موسى في أمان وسلام بين أهل مدين وتزوج ابنة شعيب عليه السلام وبعد أن قضى الأجل الذي كان بينه وبين شعيب ، أراد موسى أن يعود إلى مصر ، فخرج هو وزوجته وغنمه وفي أثناء سيره آنس من جانب الطور ناراً فترك زوجته وذهب كي يطلع على أمر هذه النار ، قال تعالى { فلما أتاها نودي ياموسى ، إنى أنا الله ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ، وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ، إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى } طه 11 – 14 . وهكذا يتحقق وعد الله لام موسى { وجاعلوه من المرسلين } .
ثم كٌلم الله موسى وأعطاه برهانين عى صدقه وهما عصا موسى ويده وبذلك أعده المولى للذهاب إلى فرعون وملته . وخشى موسى من بطش فرعون وكان في خوف من يقتٌصوا منه بقتله كما قتل نفساً منهم فدعى الله أن يشد عضده بأخيه هارون فاستجاب الله له { ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا } مريم 53 ، ووعدهما بأنه تبارك وتعالى معهما وأنه يسمع ويرى ونصحهما باللين في الدعوة { فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى } طه 44 . وهذا هو أسلوب الدعوة الرشيد لكل من يدعو إلى الله سبحانه وتعالى . فلما جاءا إلى فرعون قالا له { إنا رسولا ربك فأرسل معنا بنى إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى } طه 42 . فطلب فرعون من موسى هذه الآية التي تبرهن على صدقه { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } الشعراء 32 – 33 . فما كان من فرعون إلا أن جمع كبار السحرة لكي يدحضوا ما أتى به موسى ولكن هيهات لهم فقد نصحه الله بألا يخاف ووعده بأنه هو الأعلى { لا تخف إنك أنت الأعلى } طه 68 . فلما رأى السحرة ما أتى به موسى عرفوا أنه شيئ آخر غير السحر الذي برعوا فيه فأعلنوا إيمانهم برب موسى وهارون غير مكترثين بعقاب فرعون الذي قرر أن يقتل موسى فوقٌاه الله وأمره بالخروج باليهود من أرض مصر ، { ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى } طه 77 . { فاتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم } طه 87 . وحين أدرك فرعون الغرق آمن قائلاً { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } يونس 90 فرد الله جل شأنه { الآن وقد عصيت وكنت من المفسدين ، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون } يونس 91 – 92 . ونجى موسى ومن معه ووصلوا سالمين إلى البر الثاني. وتستمر قصة سيدنا موسى مع قومه في سيناء وحصوله على الالواح فيها موعظة وتفصيلاً لكل شيء ، واتخاذهم العجل من بعده ، وقصة التيه أربعين سنة مات فيها هارون ثم موسى عليهما السلام .
وكان ميلاد سيدنا موسى ونشأته في عصر الملك رمسيس الثاني بينما كان خروجه من مصر في عصر الملك مرنبتاح وهو الابن الثالث عشر لرمسيس الثاني وخليفته . ويستطيع كل من يذهب إلى المتحف المصري بالقاهرة أن يرى مومياء الملك مرنبتاح الذي أنجا الله بدنه ليكون آية لمن خلفه حتى يومنا هذا وهى المومياء الوحيدة التي لونها أصفر بينما جميع الموميات الأخرى لونها بني . وصدق الله العظيم .