الحج من اعظم دروس الوحدة والاتحاد

الحج من أعظم دروس الوحدة والاتحاد

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد،

[size=16][size=16]فالإسلام دين التوحيد والوحدة، دين لا يؤمن بالوساطة بين العبد وربه، إلا واسطة تبليغ الرسالة، فمن الله الرسالة وعلي الرسول البلاغ وعلينا التسليم، والعباد إذا وحدوا ربهم وأخلصوا العبودية له -سبحانه-، وكان منهم الإذعان والتسليم لشرعه، تكتمل وحدتهم وتجتمع كلمتهم، ويكونون يداً واحدةً على عدو الله وعدوهم، وهذه المعاني تتجلى بكل وضوح في الحج فالكل يلبي بنداء التوحيد، ويتوجه إلي الكعبة، ويسجد لرب واحد، ويتحركون حركة واحدة، وقد كان بعض العرب يقفون بمزدلفة - لأنها من الحرم - ويستنكفون عن الوقوف بعرفات - لأنها من الحلِّ- فأمرهم -سبحانه- أن يقفوا حيث وقف الناس (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 199].[/size]

والوحدة الحقيقية تتطلب وحدة المنهج، والعمل بطاعة الله والحذر من البدع والمعاصي والذنوب، وإعذار العباد فيما عذرهم فيه ربهم، والدعاء.

وهي معانٍ يحرص عليها كل حاج، وأن يبدأ بنفسه فيها، فالكل يستحضر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خذوا عني مناسكم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا) [رواه البخاري]

وكل حاج يحرص على طاعة الله -عز وجل- في هذه الحجة التي قد لا تتكرر ويُعظم شعائر الله وحرماته -سبحانه- ويحذر من خدش حجته، أو أن يكون عوناً للشيطان على نفوس إخوانه، يبذل لهم نداه ويكف عنهم أذاه، ويدعو ربه أن يؤلف بين قلـوب المسلمين، وأن يوحـد صفوفهم وأن يجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم.

بل الحاج يستشعر الانسجام مع الكون عندما يطيع الله -عز وجل-، ويُلبي، فيلبي الكون من حوله ويتحسس الارتباط الوثيق بين ظاهره وباطنه، فلا نفرة بين السر والعلانية، بل هو بكُليته يرجو رحمة ربه ويخشي عذابه، إلي غير ذلك من المعاني التي تتحقق بها الوحدة أتم تحقيق.

وقد أذن -سبحانه- في شهود منافع الحج فقال -عز وجل-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]، وهذه لا تقتصر على التجارة والكسب في الحج، بل هي أعظم من ذلك بكثير، منافع سياسية، واقتصادية واجتماعية وأخلاقية تربوية، وكلها من شأنها أن تُوحد بين صفوف المسلمين، وتُحيل لو اجتمع حكام المسلمين في موسم الحج للتشاور فيما بينهم وللعمل على تطبيق شريعة ربهم، ولتدارك أسباب القصور والفشل التي حلَّت بساحتهم.

إن اجتماعاً مرحوماً في هذا الزمن الشريف، وهذه البقاع المباركة سيعود عليهم وعلي شعوبهم وعلي المسلمين في شتي بقاع الأرض بالخير والبركات.

نسأل الله -تعالى- أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف وينهي عن المنكر.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، اللهم ولِّ علينا خيارنا، واكفنا شر أشرارنا، وارفع مقتك وغضبك عنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك وحاذر سخطك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.

وآخِرُ دَعْوانا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[/size]

جزاكى الله خيرا

مشكورة حبيبتى ام خلود